بعد يوم طويل من اللف والدوران والمرازية فى خلق الله.. قررت أريح جتتى ساعتين قبل طلوع النهار.. وقفت على فرع شجرة فى شارع شامبليون بوسط البلد وانكمشت بين جناحيّ.. وقبل ان أغمض عينى سمعت صوتا يأتى من المقهى أسفل الشجرة لشاب يقول: هو إحنا هنفضل كل يوم كدا نسهر للفجر على القهاوى بدون شغل ولا مشغلة؟! دا أنا خلصت الكلية وأديت الخدمة العسكرية وقاعد فاضى بقالى سنه ومافيش وظيفة مناسبة ممكن أشتغل فيها.

فرد عليه زميله قائلا: يا سيدى أدينا كلنا منتظرين الوظيفة المناسبة زيك تمام.. هنعمل إيه يعنى.. أنا مش عارف عملوا التخصصات بتاعتنا في الجامعات ليه طالما مفيش لها شغل بعد التخرج!

وهنا أدركت إن الليلة دى مفيهاش نوم.. فوقفت على قدمى ونفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوتى “قاق قاق” فراح الشابان ومعهم باقى السهرانين على المقهى يهشوننى ويقولون لى غور من هنا يا غراب البين جبتلنا النكد والفقر.. 

 

فهربت مسرعا قبل أن يحدفوننى بالطوب ولسان حالى يقول: بقا أنا اللى جبتلكم النكد والفقر يا شوية بنى آدمين.. أم أنكم من تنكدون على أنفسكم وعلى البلد كلها؟! يعنى إيه شباب زى الورد يسهر على المقهى يوميا حتى الصباح بحجة إن البلد مافيهاش وظائف حكومية؟!
 

يعنى إيه تفضل عاطل وعالة على والديك لمجرد إنك مستنى تشتغل في تخصصك.. ومحسسنى إنك تخصص الشريان الأورطى؟! 

 

 

ياخى جاتها ستين ألف نيله اللى عايزة تخلف بنى آدمين زيكم مافيش عندهم دم ولا إحساس بالمسئولية اللى شايلها والد كل منهم وسط هذا الغلاء الذى يعانى منه العالم أجمع.. يا بنى آدم قوم اشتغل أى شغلانة وبعدين ابقى دور على تخصصك.. موضوع الوظائف الحكومية دا خلاص عفا عليه الزمن.. قال مستنى وظيفة قال!