الذهب في مصر إلى أين

يعرف الجميع أن الذهب يعتبر واحدا من أهم الأشياء التي تحرص الأفراد وحتى الدول على اقتنائها، كون الذهب لا يفقد قيمته أبدًا، لكن بالعكس تزداد قيمته مع مرور الزمن، حيث يعتبر أحد الاستثمارات الطويلة الأجل. كما يتجه الكثير من الأشخاص للتعامل مع الذهب كونه ملاذا آمنا في وقت الأزمات الاقتصادية وذلك من أزمنة بعيدة.

على مدار العام الماضي، شهد سوق الذهب في مصر الكثير من التقلبات الكبيرة والتي كان يتابعها كل من يعيش في مصر سواء مهتم بالذهب أم لا. فقد كان من أكثر الأسواق التي شهدت حركة مالية كبيرة على مدار العام. في هذا المقال سوف نستعرض الوضع الحالي للذهب في مصر، فضلًا عن التوقعات الذهب  في الفترة المقبلة.

 

أكثر من عام كامل من التقلبات في سوق الذهب في مصر

في الواقع، شهدت عام 2023، ومطلع عام 2024 تقلبات كبيرة في سوق الذهب داخل جمهورية مصر العربية. 

فقد كان السبب الرئيسي وراء هذا التقلب هو تراجع العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي في السوق الموازي، مما خلق حالة من الذعر بين الشعب المصري والذي جعلهم يتجهون لشراء الذهب بكثرة لحماية أموالهم من خسارة قيمتها.

وصل سعر عيار 24 في مصر إلى مستويات تخطت 4500 جنيه مصري لجرام الذهب الواحد مطلع العام الجاري، وذلك بسبب وصول سعر الدولار في السوق الموازي لسبعين جنيها. فقد كان يتوقع البعض المزيد من الارتفاعات في سعر الدولار والذهب على حد سواء، كنتيجة لانهيار العملية المصرية بشكل لم يحدث من قبل.

لقد شهد العام الماضي إقبالا غير مسبوق في السوق المصري على شراء الذهب أكثر من  التداول في البورصة المصرية  والذي كان نشط أيضًا في السوق المصرية، وذلك بالرغم من ارتفاعاته المستمرة، فقد كان يخشى الشعب المصري حدوث مزيد من الانخفاضات للدولار أمام الجنيه، فكانوا يضعون كل أموالهم أما في الدولار أو بالأكثر في الذهب.

 

ماذا فعل تحرير الصرف بسعر الذهب في مصر

على مدار العام الماضي كان اتجاه سعر الذهب في السوق المصري في تصاعد مستمر، وذلك بالرغم من انخفاض سعر الذهب في السوق العالمية، بسبب رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة على السندات الأمريكية. فقد كان الذهب في العالم كله ينخفض، أما في مصر فكان في زيادة مستمرة بسبب انهيار الجنيه المصري.

بصورة مفاجأة للسوق المصري، اتمت الحكومة المصرية اتفاق مع أحد أكبر الشركات الإماراتية بصفقة عرفت بأسم "صفقة رأس الحكمة" وهي اتفاق مصري إماراتي على إنشاء مشروع استثماري ضخم على الأراضي المصرية بتكلفة تتخطى 150 مليار دولار. فمن خلال هذا الاتفاق حصل الجانب المصري على أكثر من 20 مليار دولار، بجانب بعض الاستثمارات الأخرى، الأمر الذي مهد لحزمة مساعدات كبيرة من مختلف المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي رفع قيمة قرض مصر إلى ثمانية مليارات، فضلًا عن ارسال الاتحاد الأوروبي لمصر حزمة مساعدات جديدة.

كما تلى هذه الصفقة تحرير البنك المركزي لسعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، حيث يصل سعر الصرف الحالي لحوالي 47 جنيها في كافة البنوك المصرية.

في غضون أيام بسيطة من حزمة الإجراءات التي اتخذتها مصر سواء في الصفقات الدولية أو تحرير سعر الصرف، ظهر التأثير الكبير لهذه الإجراءات على سوق الذهب والذي شهد تراجعا كبيرا في الوقت الحالي. فدولار الصاغة اليوم لا يتخطى حاجز 49 جنيها مصري، بعد أن كان قد وصل إلى 75 جنيها في شهر يناير الماضي. فاليوم يصل سعر عيار 24 نحو 3500 جنيه مصرى للجرام، أي أقل من سعر نفس العيار بحوالي 1000 جنيه للجرام منذ حوالي حوالي شهرين فقط. فهناك تراجع كبير في سعر الذهب في مصر، وذلك حتى مع ارتفاع سعر الذهب في البورصة العالمية.

 

توقعات سعر الذهب في مصر 2024

في البداية، لا يتوقع الخبراء أن يتخطى الذهب طوال عام 2024 حاجز 4000 دولار، حتى مع زيادة السعر العالمي. فاستقرار سعر صرف الدولار الأمريكي في مصر، والذي من المتوقع أن يشهد بعض التراجع ليسجل 45 جنيها للدولار الواحد. فهذا الاستقرار من شأنه الحفاظ على ثبات سعر الذهب في مصر، مع تأثرة فقط بصعود أو هبوط بورصة الذهب العالمية.

أما إذا تحدثنا عن السعر العالمي للذهب، فمن المتوقع أن يشهد سعر الذهب بعض الارتفاعات والتي من المرجح أن تظهر بوضوح مع النصف الثاني من العام في حال تخفيض الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة الأمريكية كما هو متوقع. فهناك توقع بتخطي سعر الذهب في هذه الحالة حاجز 2200 دولار للأونصة، فيما يتوقع بعض المتفائلين وصول سعر الذهب إلى 2300 دولار للأونصة. لكن حتى في ظل الوصول لمثل هذه الأرقام، فلن يصل سعر الذهب إلى ما وصل إليه من قبل في السوق المصري إلا في حالة حدوث أي مشكلة جيوسياسية.

فالحالة الوحيدة التي يرى خبراء الاقتصاد المصري أنها قادرة على معاودة سعر الذهب لما كان عليه في يناير الماضي، هو حدوث أزمة سياسية كبيرة في العالم، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط والتي تشهد الكثير من الأحداث غير المستقرة.

 

الخلاصة

بعد أن شهد سعر الذهب في مصر حالة من عدم الاستقرار، والارتفاعات التي يمكن وصفها بالجنونية، تسود حالة من الاستقرار الكبير سعر الذهب في مصر الآن. فالعامل الأهم الذي سوف يؤثر على سوق الذهب في مصر هو تغيير السعر العالمي، في ظل حالة استقرار الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، والتي من المتوقع أن تستثمر حتى نهاية هذا العام كحد أدنى.

 

الأسئلة الشائعة حول الذهب في مصر

ما هو أفضل وقت لشراء الذهب في مصر؟

في الوقت الحالي، ليس من المتوقع أن يشهد سعر الذهب في مصر صعودا أو هبوطا كبيرا. الوقت الأفضل للشراء هو اقتناص أوقات نزول سعر الذهب متأثرا بتراجع الذهب العالمي، أو هبوط طفيف لسعر الدولار في مصر.

 

ماذا تفعل إذا كنت قد اشتريت الذهب بأسعار مرتفعة؟

إذا كنت ممن قاموا بشراء الذهب في الوقت الذي شهد صعودا كبيرا تخطى 4000 دولار لعيار 24، فكل ما عليك هو الانتظار. غالبية التوقعات تميل إلى أن الذهب سوف يرتفع عالميًا مع نهاية العالم الحالي، لذلك من الأفضل الانتظار وعدم البيع الآن. وإذا لم تكن في حاجة لأموال هذا الذهب، من الأفضل الإبقاء عليه، لأن الذهب يعتبر من أنواع الاستثمارات الطويلة الأجل، وبالتالي سوف تحقق ربح من خلاله عبر السنوات.

 

ما هو الأفضل اقتناء الدولار أم الذهب؟

بالطبع يعتبر كلاهما من أفضل أنوع الملاذ الآمن القادر على مقاومة أي متغيرات في الاقتصاد العالمي. لكن على مدار السنوات الكثيرة الماضية، أثبت الذهب بأنه أفضل سلعة يمكن من خلالها حفظ الأموال وتحقيق الأرباح من خلالها بحسب تجارب كبار وصغار المستثمرين.