نافالني، على بعد حوالي 2000 كيلومتر شمال شرق موسكو، فوق الدائرة القطبية الشمالية مباشرة، يقع السجن الذي توفي فيه المعارض الروسي أليكسي نافالني، وسط مئات الكيلومترات من التندرا من جهة وجبال الأورال الجليدية من جهة أخرى.

ويلقب السجن بـ "المستعمرة العقابية رقم 3" أو "الذئب القطبي" ويقع بالتحديد في بلدة خارب الصغيرة في غرب سيبيريا.

وكان ألكسي اعتقل في يناير 2021 بعد عودته إلى روسيا من فترة نقاهة في ألمانيا إثر محاولة تسميم حمّل مسؤوليتها لسلطات بلاده.

وانقطعت أخبار السجين عن عائلته والمتعاونين معه عندما كان محبوسا في سجن يقع في منطقة فلاديمير على بعد 250 كيلومترًا من موسكو قبل نقله إلي "المستعمرة العقابية رقم 3"، في عملية نقل سرية استغرقت نحو 20 يوما إلى هذه المؤسسة الجديدة.

وتستغرق مثل هذه الرحلات في روسيا في كثير من الأحيان أسابيع في القطار وعلى مراحل متعدّدة، من دون أن يتمكّن أقارب السجناء من الحصول على أي معلومات عنهم خلال هذه الفترة.

 

المستعمرة العقابية رقم 3 أو الذئب القطبي

ويعد السجن، مؤسسة موروثة عن معسكرات الأشغال الشاقة السوفياتية. ويعمل السجناء هناك بشكل خاص في دباغة وخياطة جلود الرنة التي يستخدمها السكان الأصليون المحليون.

وكان نافالني قد وصل إلى "الذئب القطبي" أو كما يعرف أيضا بـ"المستعمرة العقابية رقم 3" في أواخر شهر ديسمبر 2023 وقال حينها حسبما نقل عنه مقربون: "أنا بخير"، قبل أن يضيفوا على لسانه: "أشعر بالارتياح لوصولي أخيرا".

السجن ذو النظام الصارم هو أكثر ما يتردد في روسيا عن "الذئب القطبي". وعلاوة على ذلك دائما ما لصقت به أوصاف وحشية أخرى ارتبطت به وبـ"البومة القطبية" أحد السجون الواقعة إلى القرب منه أيضا. 

وتدل الأسماء على أشهر وأخطر حيوانات التندرا المفترسة المحلية، و"أولئك الذين يعذبون الضحية بلا رحمة بمخالبهم"، كما تورد بعض وسائل الإعلام الروسية، مقاربة بذلك ما يتعرض له المعتقلون في الداخل.

يقع "الذئب القطبي" في بلدة خارب شمال الدائرة القطبية الشمالية، وعلى بعد حوالي 1200 ميل شمال شرق موسكو.

تستغرق الرحلة إليه ثلاث ساعات بالطائرة من موسكو إلى سالخارد، ثم بالعبارة عبر نهر أوب (في الصيف) أو العبور على الجليد (في الشتاء)، وكذلك يحتاج الطريق إلى قطع مسافة 50 كيلومترا بالسيارة أو ما يقرب من يومين بالقطار. 

وكان في السابق جزءا من نظام معسكرات العمل القسري السوفييتية، وفقا لوسائل الإعلام المحلية، وفي تصريحات لكيرا يارميس المتحدثة باسم نافالني أشارت إلى "الفكرة من نقل المعارض إلى المعتقل البعيد هي جعل حياته أكثر صعوبة وإبعاده عن العالم".

وأضافت أيضا أن نقله إلى المعتقل البعيد يهدف إلى "زيادة صعوبة وصول محاميه وحلفائه إليه".

 

معلومات عن أقسى السجون الروسية

يعتبر "الذئب القطبي" من أقسى السجون في روسيا، وقد أدين معظم السجناء هناك بارتكاب جرائم خطيرة، كما تشير وكالة "رويترز" في تقريرها عن نافالني، ديسمبر الماضي.

وتوضح أنه تم تأسيسه في ستينيات القرن الماضي كجزء مما كان يعرف في السابق بنظام معسكرات العمل القسري السوفييتية.

ويضم ما يقرب من 1000 شخص، وهم من أخطر السجناء والمجرمين المتكررين والذين يقضون أحكاما طويلة، وفق صحيفة "كوميرسانت"، وتوضح أن العقيد في الخدمة المحلية فاديم كالينين هو من يرأسه.

تُعرف المنطقة التي تحيط بالسجن بـ"المنطقة الحمراء"، ويعتقد الصحفي ديمتري كوليزيف وأحد رفاق نافالني السابقين في تصريحات له أن "الكثير داخل المستعمرة (الذئب القطبي) مبني على كسر إرادة المقاومة وتحويل المدان المتمرد إلى مذنب خاضع".

بدورها تشير الناشطة في مجال حقوق الإنسان فيرا غونشاروفا لقناة RTVI إلى أن قرية خارب نفسها (التي يقع فيها المعتقل) هي "مكان كارثي"، وفي رأيها لا تختلف مستعمرات "الذئب القطبي" و"البومة القطبية" كثيرا عن بعضها البعض من حيث ظروف الاحتجاز.

وتورد منصة "البوابة القانونية الروسية" عبر تطبيق تلجرام أن "الذئب القطبي هو المكان الذي لن يذهب إليه أحد طواعية، حتى بدافع الفضول". وتوضح أنه المنطقة التي يتواجد فيها نائية جدا بالمعنى الحرفي للكلمة، وحتى أنه يصعب الوصول إليه عبر "حيوانات الرنة".

وتابعت: "يكاد يكون من المستحيل البقاء على قيد الحياة هناك في البرية، كما يكاد يكون من المستحيل الهروب"، وفق ما يشير ذات المصدر الروسي. مضيفة: "لم يذكر التاريخ من الذي أسسه، ومن الممكن أنه كان نتاج أنشطة السجناء".

وفي غضون ذلك ومنذ أشهر يفسر مراقبون وجود نافالني في سجن "الذئب القطبي" تحت حراسة مشددة، بمنع أي تأثير محتمل له في الانتخابات الرئاسية المرتقب إجراء جولتها الأولى في الـ 17 مارس 2024. 

 

درجات الحرارة في السجن تحت الصفر

وبحسب ما نقل موقع «الحرة»، عن وسائل إعلام روسية وغربية متقاطعة أن المعتقل أو كما يطلق عليها أيضا بـ"المستعمرة" يضم حمامات ومغاسل ومزرعة دواجن وخنازير، ومخزن، وغرفة مرجل، ومكتبة، وورشة نجارة. 

ويوجد هناك كنيسة صغيرة للقديس سرجيوس رادونيج، تم بناؤها من قبل السجناء أنفسهم في عام 1999.

ويورد تقرير لـ"إذاعة أوروبا الحرة" نشر في ديسمبر 2023 شهادة لرجل أطلق سراحه من "الذئب القطبي"، ونقلتها الناشطة في مجال حقوق السجناء أولجا رومانوفا. وتقول نقلا عن لسانه: "في الشتاء يتم تجميع السجناء على عجل في الفناء بملابس خفيفة. لا يُسمح لهم بالتصفيق أو فرك أيديهم معا. وكان عليهم الوقوف لمدة 30 أو 40 دقيقة دون التحرك عندما كانت درجة الحرارة 45 درجة مئوية تحت الصفر".

وقال المخرج الأوكراني أوليه سينتسوف، الذي قضى خمس سنوات في إدانته بالإرهاب في ذات السجن: "بمجرد أن تتجاوز العتبة، يعلمونك أنه ليس لديك أي حقوق ولا يوجد من تشتكي إليه"، بحسب "إذاعة أوروبا الحرة".

ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن السجن يضم قتلة متسلسلين، ومغتصبين، ومشتهي الأطفال، ومرتكبي الجرائم المتكررة، وغيرهم من المدانين بارتكاب أخطر الجرائم ويقضون أحكاما بالسجن لمدة 20 عاما أو أكثر. 

 

 

ومن بين النشطاء إيفان جدانوف، مدير مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد، التي اعتبرتها الدولة متطرفة ومحظورة في روسيا. وقال في ديسمبر2023 لـ"إذاعة أوروبا الحرة": "كل ما عليك فعله هو إلقاء نظرة على الخريطة ويمكنك أن ترى أن هذا هو السجن الأشد قسوة في أقصى الشمال".

ويضيف: "الموقع ذاته يعني أن الظروف هناك هي الأكثر قسوة".

وفي معظم أيام السنة، لا توجد رحلات جوية إلى المنطقة، والوصول إليها بالقطار صعب ومحدود، ويتم الاتصال الوحيد بالسجن عن طريق خدمة البريد الروسية العادية، حسب جدانوف. 

ويتابع: "أنت لا تعرف أبدا ما إذا كانت رسالتك قد وصلت أم لا، أو ما إذا كانت هناك أي فرصة للمستلم للرد. كان هذا هو الهدف من إرسال نافالني بعيدا".

 

وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني

وكانت مصلحة السجون الروسية أعلنت، أمس الجمعة، وفاة السياسي المعارض المسجون أليكسي نافالني.

وقالت المصلحة، في بيان، إن نافالني شعر بتوعك بعد المشي يوم الجمعة وفقد الوعي، ووصلت سيارة إسعاف لمحاولة إنعاشه، إلا أنه فارق الحياة.

وقالت الرئاسية الروسية (الكرملين)، إنها ليس لديها معلومات عن سبب وفاة المعارض البارز أليكسي نافالني.

وبحسب شبكة «العربية»، تابع الكرملين: "مصلحة السجون تجري كافة الفحوصات فيما يتعلق بـ وفاة نافالني، وتم تقديم إحاطة للرئيس فلاديمير بوتين بشأن وفاة المعارض نافالني".

بدورها، أعلنت لجنة التحقيق الروسية، إطلاق تحقيق إجرائي في ملابسات وفاة السياسي المعارض أليكسي نافالني في أحد السجون.

 

ردود فعل غاضبة بسبب وفاة نافالني

وعبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، "عن حزنه العميق لـ وفاة نافالني"، داعيا لمعرفة كل الحقائق عن وفاته.

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إن روسيا "المسئولة الوحيدة" عن وفاة نافالني.

فيما اعتبر البيت الأبيض، أن وفاة نافالني "مأساة فظيعة في حال تأكدت".

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر"، إن تاريخ الكرملين "الطويل والقذر" في إيذاء معارضيه "يثير أسئلة حقيقية وواضحة حول ما حدث".

رئيس لاتفيا، إدجارز رينكيفيتش، اتهم الكرملين باغتيال نافالني، قائلا: "نافالني قُتل بطريقة وحشية على يد الكرملين وذلك يُظهِر الطبيعة الحقيقية للنظام الحالي في روسيا".

من جانبه، كتب وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، عبر منصة إكس: "مقاومة نافالني لنظام القمع كلفته حياته".

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إن نبأ وفاة نافالني "فظيع"، وأشاد بزعيم المعارضة الروسية الراحل.

المستشار الألماني، أولاف شولتس وصف أنباء وفاة نافالني بـ"المحزنة جدا".

كما حملت الخارجية النرويجية موسكو مسؤولية كبيرة عن وفاة نافالني.

 

بايدن يهاجم بوتين بسبب نافالني 

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الجمعة،  في تصريحات صحفية تعليقا علي وفاة المعارض الروسي اليكسي نافالني: إنه ليس لديه سبب للاعتقاد بأن التقارير عن وفاة الناشط والمعارض الروسي أليكسي نافالني في السجن غير صحيحة.

وأوضح بايدن خلال كلمته في البيت الأبيض، أن السلطات الروسية  ستروي قصتها، لكن لا شك فيها أن بوتين مسئول عن وفاة المعارض الروسي.

وتابع إن الرئيس الروسي  لا يؤثر فقط على مواطني دول أخرى مثل أوكرانيا، بل يؤثر أيضًا على شعبه.

وزعم  أن وفاة الناشط في السجن دليل آخر على وحشية فلاديمير بوتين وحكومته، مدعيا: "لقد عارض دائمًا فساد وعنف حكومة بوتين، التي قامت في المقابل بتسميمه واعتقلته وأدانته بارتكاب جرائم باطلة ووضعته في الحبس الانفرادي  وكل هذا لم يكن كافيًا لمنعه من قتله".  

وقال إن الناشط "كان دائما صوت الحقيقة، حتى في السجن، مدعيا:"بعد أن حاول بوتين اغتياله عام 2020، كان بإمكانه أن يعيش في المنفى بالخارج وبسلام، لكنه بدلًا من ذلك عاد إلى روسيا، وهو يعلم أنه كان من الممكن أن يتم اعتقاله أو قتله، نافالني  لقد عمل دائمًا لأنه يؤمن ببلده.

 

روسيا تطالب أمريكا انتظار تقرير الطبيب الشرعي بشأن وفاة نافالني

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية، الجمعة، تعليقا علي وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني، إنه على الولايات المتحدة انتظار نتائج تقرير الطبيب الشرعي المتعلقة بالوفاة، وذلك حسبما أفادت شبكة “سكاي نيوز” عربية.

واعتبرت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا  الاستنتاجات الفورية التي خرج بها زعماء دول "الناتو" حول وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني في السجن، تفضح ما في صدورهم.

وكتبت زاخاروفا على "تليجرام": "رد الفعل الفوري لقادة دول "الناتو" على وفاة نافالني وإصدارهم الاتهامات المباشرة ضد روسيا يفضحهم، ولم تصدر بعد أي نتائج عن فحص الطب الشرعي، فيما استنتاجات الغرب كانت جاهزة مسبقا".

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.